Thursday, January 31, 2013

ليلة السقوط

أول اشارة كانت عين  أمي

28 يناير 2013 - أنا وداليا قررنا ننزل بعد يومين راحة من معركة الاتحادية. النزول للتحرير مباشرة مكانش خيار بالنسبة لنا. بشكل شخصي فقدت ارتباطي العاطفي بالميدان ويقيني ان التجمع هناك مش هو الحل لاستمرار معركة الثورة. استقرينا على المشاركة في مسيرة السيدة زينب لمحاصرة مجلس الشورى. واحنا نازلين لقيت أمي بتحضني جامد وبتقولي خللي بالك من نفسك وعينيها فيها خوف شديد. لحظتها حسيت بالقلق. 

تاني إشارة جملة قالتها داليا

الساعة 3 الضهر- قبل ما نوصل السيدة عدينا على شارع الجمهورية علشان نجيب ماسكات وخوذ. انا اشتريت ماسك ألماني بيغطي الوش كله وداليا اشترت ماسك وخوذة. نزلنا محطة المترو ووقفنا نستنى. فجأة لقيت داليا بتقول: كل مرة بننزل من غير حاجة وربنا بيسترها معانا، المرة دي عشان جبنا حاجات هتحصل حاجة. سكت شوية كدة وبعدين ضحكت بصوت وقلتلها: على فكرة كنت لسة حالاً بفكر في كدة. حاولنا ننفض الفكرة عن دماغنا بالغنا في المترو لغاية ما وصلنا السيدة.

انضمينا للمسيرة وقابلنا هناك عمرو يوسف وأوسو، شوية ولقينا المسيرة هتاخد خط سير طويل أوي عشان تحشد فقررنا الانفصال عن المسيرة وقلنا نطلع على الشورى على طول. في الطريق قابلنا عزة مغازي وطلعنا معاها المصري اليوم لاستخدام الحمام. هناك قابلت صديقي محمد المصري ووريته الماسك وحكيتله على الهواجس اللي عندي وعند داليا. شوية ونزلنا ورحنا طالعين عالقصر العيني. هناك قابلنا المسيرة تاني وطلعنا معاها على كورنيش النيل لان الطريق للشورى من القصر العيني كان مقفول تماماً. فضلنا ماشيين في الكورنيش لغاية ما وصلنا لقرب السفارة الأمريكية. فجأة لمحنا مدرعة من بعيد بتجري لقدام بسرعة وبعدين بتقف وترجع تاني بنفس السرعة. بعدها بكام دقيقة  لقينا موتوسيكل اسعاف شايل شاب وشه متشلفط وشكله بين الحياة والموت. سألنا ايه اللي حصل الشاب اللي سايق الموتوسيكل قالنا ان المدرعة خبطته. شوية وسمعنا دوشة ورا رجعنا لقينا شباب ملمومين في شارع جانبي وبيزعقوا عرفنا بعدها ان فيه عميد كان في الشارع ده والشباب لمحوه وكانوا عايزين يعملوا معاه واجب فالراجل جري استخبي في جراج. شوية وحد قال يلا سيبوه ده راجل كبير خلينا نكمل المسيرة.  مفيش خطوتين وفجأة ابتدى ضرب عنيف من الشارع الجانبي اللي جنب السفارة الأمريكية. قنابل غاز وكميات مرعبة من الخرطوش وشباب دخلت الشارع تشتبك مع الشرطة. مجموعتنا كانت واقفة عند أول الشارع من ناحية الكورنيش. قعدنا نتناقش هل هنكمل هنا ولا واستقرينا على ان افضل خيار هو محاولة العبور لغاية ما نوصل قصر النيل حيث أرض المعركة واسعة أكتر ونقدر نتحرك فيها بحرية أكبر. المشكلة كانت اننا نحاول نعدي من قدام الشارع لان الخرطوش كان بيتضرب بكثافة شديدة جداً والبلي بيوصل لغاية سور الكورنيش. فجأة حد اقترح علينا اننا ننط من فوق سور الكورنيش ونوطي وناخدها جري لغاية ما نعدي الشارع. قلبي اتقبض جداً ساعتها وحسيت انها مش فكرة كويسة بس اضطريت اوافق لان المجموعة كلها وافقت عليها. نطينا فعلاً من فوق السور وكنت ساعتها لابسة ماسك الغاز بتاعي ونفسي السريع خلى البخار يغطي الماسك كله ويحجب عني الرؤية.. وطينا وسمعت حد بيقول استعدوا.. كنت عايزة اقولهم استنوا شوية بس فجأة لقيت حد ماسك ايدي بيشدني وابتدينا نجري.. ابتديت اجري وانا خايفة لاني مش شايفة أي حاجة قدامي. فجأة ملقتش أرض تحتي ومحستش غير وجسمي بيخبط الأرض بعف شديد وألم عنيف في صدري وكتفي. فضلت مكفية على وشي بئن من الالم وبعدين حسيت بمجموعة من الناس بتتجمع حواليا وناس بتحاول تشدني علشان توقفني. صرخت فيهم عشان يسيبوني لان الالم في كتفي كان لا يطاق. فضل الشباب قاعدين معايا لغاية ما حسيت اني قادرة اقوم فاتسندت عليهم وفضلنا ماشيين لغاية ما لقينا سلم طلعناه لقينا نفسنا قدام فندق شبرد.  من هناك لقينا عربية اسعاف طلعت بيا على مستشفى الهلال. كان عندي أمل ان اصابة كتفي تكون خلع لكن للاسف الأشعة كشفت كسر في العضد هيحتاج ست أسابيع راحة والدراع مربوط في جبيرة. كنت متضايقة لاني عمري ما اتكسرت قبل كدة وتوقيت الكسر كان سيء جداً بالنسبة لي.  الحاجة الوحيدة اللي خففت عني هي كم الناس اللي جريت على المستشفى عشان تتطمن عليا واللي اتصلوا بيا وسألوا عليا على تويتر بعد ما داليا كتبت اني اتصابت. مكنتش قادرة احس بالمرارة وانا محاطة بكل المحبة دي. روحت بيتنا في عربية صديقي أحمد عبد الوهاب ومعايا داليا ومحمد المصري وياسر اللي نسي كل الزعل اللي بيننا وجري على المستشفى عشان يطمن عليا.  طول الطريق الاحساس اللي مسيطر عليا كان امتنان شديد. امتنان للغرباء اللي ساعدوني لما وقعت ورجعوا بعد كدة يكملوا اشتباك مع الداخلية .. امتنان للغريب منهم اللي صمم يجى معايا لغاية المستشفى ودفع تمن الأشعة من جيبه ولولا اني اتخانقت معاه مكانش هياخد مني فلوسها. امتنان لهبة اللي برضه نسيت خلافنا وجريت على دكاترة عضم علشان تحاول تضمنلي افضل استشارة ممكنة... امتنان لأسماء علي ومالك عدلي وكامل حلمي وعمرو يوسف ومحمد أوسو وعزة مغازي ومحمد الحاج وأحمد أبو الفضل اللي سابوا كل اللي وراهم وجم عشان يشوفوني.  وامتنان خاص جداً لداليا (صاحبي اللي كتفه في كتفي ووجوده بيطمني) وأمي اللي بتراعيني من غير ما يبان عليها أي ذرة تعب. 

ماسك الغاز الجديد  كانت الحاجة الوحيدة اللي اتسرقت مني في الزحمة وبحب أقول للي سرقه.. حلال عليك يا معلم