Friday, January 14, 2011

عن اليوم الأخير من العشرينات

استيقظت -في اليوم الأخير قبل أن أودع العشرينات- على صداع حاد والتهاب شرس في الجيوب الانفية.... لم أقض الليلة الماضية في أرق أفكر في العقد الثالث المقبل بل أمضيتها مع بعض الرفقة على العالم الافتراضي نلعب لعبة نحاول من خلالها "تمصير" عناونين الأفلام الأجنبية.. لم أندهش لعدم اكتراثي أو لنقل عدم تفكيري.. واندهشت لعدم اندهاشي

------------------------------------------------------

في اليوم الاخير من العشرينات هطل المطر بقوة وغزارة وأغرق شوارع القاهرة مصحوبا بدوي برق مرعب ثم وفي لمح البصر، انقشعت السحب وتسلل من خلالها نور ذهبي للشمس لم أر في مثل جماله .. لم أتعجب لتقلب الجو.. وتعجبت من روعة المشهد الكائن أمامي..





--------------------------------------------------------------
في اليوم الأخير من العشرينات، سقط نظام طاغ ظل يجثم على أنفاس بلد أخضر صغير يطل على البحر المتوسط طوال ثلاثة وعشرين عاماً. تروادني فكرة طفولية بأن "وشي حلو عليهم" تتبعها أخرى مؤنبة في شاكلة "اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع يا حلوة" ... اضحك على نفسي بينما تذكرني اللقطات التلفزيونية بأن الثورات لا تقوم على حس "الوش الحلو" ولا لأجل خاطر دور العبادة.

في اليوم الأخير من العشرينات... أنزل من عملي لأفاجأ بأن أحد إطارات سياراتي "نايم" تماماً. كنت قد نزلت مع زميل لي بعد تأخري ساعة عن ميعاد انصرافي..توجهت معه إلى اقرب محل للإطارات حيث قمنا بإصلاح الإطار. تركت السائس يقوم بمهمة تركيب الإطار بينما أسرعت للزمالك للحاق بميعاد تأخرت عنه ساعة ونصف الساعة. وأنا أقف امام مدخل العمل ألمح زملاء آخرين يستعدون لركوب سيارة أجرة.. أفاجأ بأنهم متجهون إلى المكان ذاته الذي أقصده.. أتعجب لتصاريف القدر ثم انشغل بالتقاط الصور للحظة الغروب.

في اليوم الاخير من العشرينات.. أدرك كم تغيرت وكم ظللت كما أنا.. عشرات التجارب والخبرات لم تضف شيئا قدر ما حفرت بداخلي طرقاً، سرت فيها حتى رأيت مني ما لم أكن أعرفه.. لم أصبح أكثر حكمة.. لكني اكتشفت أن لدي مخزونا وافراً من الصبر صرت استعين به لا للتغلب على مشاعر احباط كانت تأكلني أكلاً في السابق عندما لا تسير الأمور كما أريد بل لأجلس في هدوء في انتظار اللحظة المناسبة للقطف ..

في اليوم الأخير من العشرينات ..لم أصبح أكثر استبصاراً لكن بت أكثر إيماناً بان حدسي يدرك جيدا ً ما يفعله.. يفهم تدابير القدر أكثر من شكوكي وحيرتي وعدم يقيني.. ويتحرك معها بتناغم مذهل .. أسلمه قدراً أكبر من الثقة.. لكنني أترك للشك وعدم اليقين فسحة.. فهما على الأقل ما يربطاني بعشرينات سأرحل عنها بعد ساعات...

في اليوم الاخير من العشرينات.. ألقي نظرة سريعة على فتاتها.. لا تتذكر من عشريناتها سوى أعوامها الثلاثة الأخيرة التي كثفت بهجة سبع سنوات وآلامها ورمتها بين يديها.. لم ترفع يديها لتلتقف وفضلت بدلا من ذلك أن تأخذ البهجة والآلم على صدرها.. ليست نادمة.. ليست أقل حزنا.. ليست أقل فرحا.. فقط أقل انفعالاً .. ربما أكثر نضجاً لكنها بحاجة لاختبار ذلك عملياً.. في آخر أيام عشريناتها.. يسيطر عليها هدوء "مٌخدر" مصحوب بامتنان لأشياء كثيرة أهمها أن ابتسامتها لم تتغير كثيرا.








Tuesday, January 4, 2011

رسائل القمر


دائما ما يحمل لي القمر الجديد أو القمر المكتمل أحلاما غريبة وليلة أمس لم تكن استثناءا سوى في أمر واحد فقط أن القمر لم يكن فقط مصدر الأحلام الغريبة بل كان بطلها.

كنت أعرف منذ أمس أن سماء القاهرة ستشهد ظواهر نيزكية غريبة نتيجة للقمر الجديد وكسوف الشمس الذي سيحدث في برج الجدي (برج ميلادي) لكني مازلت استغرب ما حلمت به بعد ذلك.

في الحلم كنت أقف في قاعة عريضة تشبه صالة التحرير في عملي .. كانت السماء مكتظة بالنجوم عن آخرها في مشهد لم أر له مثيلا من قبل وفي منتصفها كان القمر مكتملا برتقالي اللون.. يلمع من وسطه نجم صغير. كنت أسمع في الخلفية حواراً عن هذا النجم وكيف أنه بشرى سارة لمن يراه ومن يستطع أن يلتقط صورته واضحة. اكتشفت اني أحمل كاميرتي على ظهري.. فقررت الصعود إلى السطح لالتقاط صورة أفضل.. وجدت زميلاً من العمل يعرض علي أن يصعد معي.. كان سطح المبنى غريبا.. مهدم ومظلم رغم السماء المنيرة.. تتراص به الأعمدة الخرسانية التي تبدو مثل أطلال مبنى آخر فوق السطح.. كنت أسير فوق الحجارة بينما زميلي يسبقني بعدة خطوات، نبحث فيها عن الموقع الأفضل للتصوير.. وجدته فجأة يصعد على الحافة يبتسم ويخبرني انه يرى القمر كاملاً وأن هذا هو الموقع المثالي.. أسرعت إليه.. وفجأة وبدون مقدمات تحولت الأرض من تحتي إلى بركة مياه .. سقطت فيها وانتابني في اللحظة ذاتها شعور بالفزع.. لم اكن أغرق لكني ذهلت من كيفية سقوطي في هذه البركة بينما لم يسقط فيها زميلي .. كنت أيضاً أعي أن كاميرتي التي ترقد وراء ظهري ربما تلفت بسبب المياه رغم شعوري بانها محكمة الإغلاق وبأن المياه لن تتسرب إليها بأي حال من الأحوال.. رأيت الفزع أيضا في عيني زميلي الذي كان يريد أن يساعدني على الخروج ففقد توازنه وسقط من أعلى.. صرخت باسمه وانتشلت نفسي بشكل لا أدريه من المياه.. أسرعت إلى الحافة لأجده معلق فوق تكييف بال يتدلى من المبنى.. كان بشكل غريب يبدو مستمتعاً بهذا الوضع وكأنه يركب على أرجوحة.. شعرت بالإحباط وتركته.. نظرت حولي لأجد أن الفجر بدأ يظهر.. نزلت من السطح جرياً إلى سيارتي.. كنت أسمع صوتاً بداخلي يقول لي : ملحقتيش القمر.. القمر راح خلاص.. وكنت أتجاهله.. كنت أقود سيارتي في شوارع غريبة تصطف الأشجار على جانبيها.. لم أكن أرى القمر .. لكنني رأيت صفين طويلين وجميلين للغاية من النجوم.. كانا يطلبان مني بوضوح أن أتبعهما.. رفعت كاميرتي استعداداً لالتقاط صورة.. واستيقظت من النوم


* الصورة التقطتها خلال زيارة لقرية رأس الشيطان بمحافظة البحر الأحمر